الجمعة، 28 يوليو 2017

أنا العمود


                       أنا العمود
                       قصة قصيرة  ... ل محمد الشوربجى


أنا عمود إنارة ... طاعن فى السن ...
ولولا أنى مغروس فى مفترق طرق لأبدلونى منذ زمن !!!
ستندهش وتقول لى :  وما علاقة هذا بذاك ؟!
وسأندهش بدورى وأنا أجيبك باستنكار:
كيف لاتجد علاقة وقد قلت لك ، أنى مغروس فى مفترق طرق ؟!
ياصديقى فى مفترق الطرق الكل ينكرك ... يتنصل منك ... ويسقطك من مسئوليته !!
لكل طريق بلدية ... 
والبلدية لاترى سوى شارعها فقط ولا تتجاوز ذلك لما يشترك بينها وبين باقى البلديات !
لكن الجميل فى الأمر ... أن ذاك ما كتب لى الحياة !!!
فلم تهرع لى يد  قط لتستبدلنى أو حتى تزيل بهاء السنين عن جسدى بألوان وطلائات ...
ظللت عبر سنين طويلة ... محتفظاً بفضية لونى بين تلك الألوان الحديثة  ، عديمة الذوق !
ومن آن لآخر يعطف على أحدهم ويغير مصباحى ... لا من باب الواجب ولكن من باب المن والمزايدة !
والحقيقة أنه  ، عبر سنوات عمرى ... كان يشغلنى سؤالاً هاماً...سؤالاً مخيفاً !
ترى ؟  كيف ستكون نهايتى ؟!!!
هل سيجتثونى يوما ما كباقى أحبائى ؟!
أم سنتقض - ذات مساء -  سيارة غاشمة ، يقودها شاب مخمور , فتطير فى الهواء ولا تسقط إلا وقد قصمتنى كعود حطب أصابه السوس !!!
وذات مساء جاءتنى الإجابة ...!
فقد اجتثونى أخيرا !!!
لكن الغريب أن اجتثاثى لم يكن لصالح عمود آخر ، عمود حديث !
إنما كان لصالح لوحة انتخابية ... تحفز لانتخاب لص قديم !!!
هاهاها ... ستندهش مرة أخرى أليس كذلك ؟!
ستسألنى ..... وكيف تركوه يفعل ذلك ؟!!
أو لست مالاً عاماً ؟!
وهنا سأعاود مرة أخرى -  بدورى - للاستنكار وأجيبك : ألم أقل لك ياصديقى ، أنى ... كنت ... مغروساً فى مفترق الطرق  ؟!!!


هناك تعليق واحد: