الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

" سعـيد شيـمى " - " محمـد خـان " .... قصـة صداقة بطعـم السـينما .


                                                                           


- فى مطلع هذا الشهر ، وبالتحديد فى يـوم الخمـيس ، الثـانى مـن أغسطـس ، كــان لـى شـرف ، حضـورإفــتتاح معـــرض صــور( فى حـب سـينما محمد خــان ) والذى أقامه أســتاذى العـــزيز ، مدير التصوير الكبير / سعــيد شــيمى ...
والحقيقة أننى انشغلت عقب المعرض مباشرة ، ببعــض الإلتــزامات الخاصة بالعـمل ، وهــو ما أعاقنى عن الكتابة الفورية عـنه ، وإن كـنت أرى أننـى - رغــم ذلك - كـنت محظـوظاً للـغاية !
فنجاح المعرض بهـذا الشـكل الرائع ، ومد مدته إلى عـدة أيام أخـرى ، ثم الإتفاق على نقـله ، ليكون ضمــن فاعــليات مهـرجان الأسكــندرية الســينمائى الدولى القــادم ، كــل ذلك أحـى - مـرة أخـرى - فـرصتى فى الكتابة عــنه ، وعـن اللحـظات الساحـرة ، التـى قضيتها أمام لوحاته ، العامرة بالذكريات والشخصيات ، والموثقة للحظات أبداع محمـد خان ، والتحامه بتنفيذ أعماله ، التى تمثل جزءاً هاماً من وجداننا السينمائى .
فـى الصـور ، يمكـنك - بمجـرد التأمــل - أن تخــرج بمـئات الإنطـباعات والمعلـومات ، ستدهشك ما تخبرك به إنفعالات خان المختلفة ، وقت تصـوير أفـلامه ، ستلمح الترقب تارة ، وتلمح إبتسامة الثقة تارة أخرى ، سترى من عاصـروه وعاونـوه عـلى تحقيـق أفكاره ، وتحويلها إلى أعمال حية ، تفيض بالموهبة والتدفق الخاص .
سـترى أنـواع الكاميرات والمعـدات التى استخدمها ، وستسترجع فى ذهنك رغـماً عـنك شيئاً مـن مشاهـد الأفـلام  ، حـين تتمكن من ربط ماتراه أمامك من صـور ، بما تختـزنه داخلك من ذكريات عنها ...
لكنى أجـزم وأوأكـد أن هـذا المعـرض كان سيفقـد تمـام  قيمـته ، لولا حضور صاحبه ، القامـة السـينمائية الكبـيـرة / سعـيد شيـمى ! ... فحضـورالأسـتاذ / سعــيد ، وتواصـله الشخصى مـع رواد المعـرض بالحكى والتفسـير والربـط ، أعطى لصور المعرض عمقاً وبعداً آخـر ، لم يكن ليتحق بدونه ، كما أنه أضفى صدقاً ودفئاً إنسانياً بالغاً ، بما أرساه ضمنياً فى هذا المعرض من معان للصداقة الحقة والوفاء النبيل ، لصـديق عمـره محمد خـان ، معطـياً خــلاله ، درسـاً للأجـيال القادمـة مـن السـينمائيين ، ليعلمـوا أن السـينما ليسـت مهنـة مجـردة ، بل مهـنة تقـوم على التناغـم والتعاون بين صناعـها ، والتداخـل الذهنى والوجدانى فيما بينهم ؛ وأثناء شرح الصور ، كنت أرى الأسـتاذ / سعـيد ، يؤكد على هـذه القـيم ، ويوثق بالكلـمات سـمات أبناء جـيله ، من صـناع السينما المصـرية ، العظام ، وما جمع بينهم من روابط فكرية و صداقات عميقة .

الأستاذ / سعيد شيمى ، يشرح للمخرج خالد جلال  ماوراء صور محمد خان من حكايات 

وبشكل شخصى فقد أستفـدت كثيراً واستمتعت بشـروح الأسـتاذ / سعـيد شـيمى ، بل أن تلك الشروح ، قد حلت لى لغزاً ، طالما شغلنى !
فأثناء المـرور بيـن الصـور ، توقـف الأستاذ / سعـيد ، ودلل عـلى مـدى الإيثار ووحـدة الغايـة بيـن أبـناء جـيله ، بـما فعـله محمـد خـان ، حــين أهــدى فكــرة فــيلم ( ســـواق الأوتوبيس ) لأصدقائه ، عاطف الطيب و بشير الديك ، ليكون فيلماً مـن أهـم أفلامهم و أميزها ... أما اللغز فقد كان فى الشعور الذى انتابنى منذ سنوات بعيدة ، حـين شاهـدت فيلم محمد خـان ( فـارس المديـنة ) ، حيـث أحسسـت وقـتها ، أن هـناك تشابـهاً كبـيـراً بين فكرته وفكرة فيلم ( سواق الأوتوبيس ) ، فكلاهما يتحدث عن البطل الفـرد النبـيل ، فى مواجهة زيف المجتمع ! كلاهما يتحدث عن ، مأزق مادى يقـع فيه البطل ، ويسـعى جاهداً للإستعانة بمساعـدة ذويه ومعارفه ، لكنه يواجـه بالاستـنكار والتنصـل ، ليصبـح وحيداً فى مواجهة مأساته !
وعلى هذا فقد فسر لى كلام الأستاذ / سعيد شيمى ، هذا اللغز ، وجعلنى أفهم أن مصدر الفكرتين كان واحداً ، وعـلى ما يبدو أن تلك الفكـرة ، كانت تؤرق المخـرج محمد خـان بشكل شخصى ، ولم تهدأ إلا حين خرجت مرة أخرى ، فى معالجة درامية أخرى ، وكنا كمشاهدين محظوظين فى ذلك ، بكل تأكيد !
معـرض صـور ( فى حب سينما محـمد خـان ) ، كان مناسبة خاصة ، فـريدة وسعـيدة ، وهو يسن سنة رائعة ، يجـب أن تتكـرر كثيـراً بعـد ذلك ، فنرى مثيلاً له ، عـن عاطـف الطيب ، وعن يوسف شاهين ، وعن صلاح أبو سيف ، وغيرهم !
يجب أن تخرج صور هؤلاء من مكمنها ، بين الألبومات الخاصـة للفانين والسينمائين ، ويحتشد الجميع من وقت لآخر لجمعها وترتيبها وربطها الصحيح بأزمنتها ، ثم إتاحتها للعـرض العـام ، كـما فعــل الأسـتاذ / سعـيد شيـمى ... مثـل هــذه الصـور لا مكـان لـها سـوى تلك المعارض ، وإلا فستموت مع الوقت ، وتفقد قيمتها !
تلك الصور أداة رائعة وضرورية للتوثيق و الإثبات ونشر الثقافة السينمائية !
وكـم مـن مـرات ، أفجـعـنى أن أسمـع عــن ألبــومات ومقـتنيات ، تخلـص مـنها ورثـة السـينمائيين ، بعد وفاتهم ، حيـن جهلـوا قيمتها وما يمكن أن تحققه من تأثير ، إذا ما أتيـح لها العـرض والولوج إلى ذاكـرة و أذهان الناس !
شكـراً للأسـتاذ / سعـيد شيـمى .... لقــد صنـع بالفعــل حــدثاً مهــماً ، ذو قيمـة كبيـرة ومحتـرمة ، ليس على المستوى المباشر فقط ، بل وعلى مستوى الفكـرة أيضاً .  


الفنان والسينمائى الكبير / سعيد شيمى ، وبصحبته كاتب المقال ، الفنان / محمد الشوربجى .

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق